تشير البيانات المناخية الحديثة أن اليمن يشهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة منذ بداية رصدها بشكل منهجي في الثمانينيات. فقد تجاوز معدل الارتفاع الحالي في درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية مقارنة بمتوسط درجات الحرارة خلال فترة ما قبل الصناعة، ويقترب هذا الارتفاع من 2 درجة مئوية، ما يشير إلى دخول البلاد مرحلة خطرة من التغير المناخي.
عام 2024 و2025: عام استثنائي في تاريخ اليمن المناخي
سجّلت معظم المحافظات اليمنية خلال عام 2024 والأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 حتى الآن، درجات حرارة قياسية لم تشهدها منذ عام 1980 على الأقل، لتكون هذه الفترة الأكثر حرارة في تاريخ الرصد المناخي المحلي. وقد شهدت مناطق مثل صنعاء، الحديدة، عدن، وحضرموت موجات حر شديدة وطويلة، أدت إلى تفاقم معاناة السكان، خاصة في ظل ضعف البنية التحتية وخدمات الكهرباء والمياه.
توقعات مقلقة من النماذج المناخية
تشير سيناريوهات النماذج المناخية العالمية، بما في ذلك تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، إلى استمرار هذا الاتجاه التصاعدي في درجات الحرارة. ووفقًا لهذه النماذج، فإن اليمن قد يشهد ارتفاعًا في متوسط درجات الحرارة يصل إلى: 3درجات مئوية بحلول عام 2050، و4 درجات مئوية بحلول عام 2100، إذا استمر العالم في نفس المسار الحالي لانبعاثات الغازات الدفيئة.
تداعيات بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة
هذا الارتفاع في درجات الحرارة سيكون له آثار كارثية على البيئة والتنمية في اليمن، أبرزها:
- شح المياه وزيادة معدلات الجفاف، ما يهدد الأمن المائي والزراعي.
- ارتفاع معدل التصحر وتدهور الأراضي الزراعية.
- تأثيرات صحية مباشرة، منها زيادة الأمراض المرتبطة بالحرارة مثل ضربة الشمس وأمراض الجهاز التنفسي.
- تهديد التنوع البيولوجي والنظم البيئية الهشة، خاصة في المناطق الجبلية والساحلية.
- تفاقم النزوح الداخلي بسبب تراجع الموارد الطبيعية وازدياد الكوارث المناخية مثل الفيضانات وموجات الجفاف.
الحاجة إلى تحرك فوري
تفرض هذه المعطيات المناخية الجديدة تحديات جسيمة على صانعي القرار والمجتمع المدني والقطاع الخاص في اليمن. ويجب أن يتجه الجميع نحو:
- تعزيز خطط التكيف المناخي، لا سيما في القطاعات الأكثر تأثرًا مثل الزراعة والمياه والصحة.
- الاستثمار في الطاقات المتجددة والبنية التحتية المستدامة.
- تعزيز الوعي المجتمعي والتثقيف البيئي حول مخاطر تغير المناخ.
- دمج قضايا المناخ في السياسات الوطنية وخطط إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.
إن التغير المناخي لم يعد تهديدًا مستقبليًا بعيدًا، بل أصبح واقعًا يوميًا يفرض نفسه على اليمن وشعوب المنطقة، ما يتطلب تحركًا علميًا وسياسيًا واجتماعيًا فوريًا للحد من آثاره الكارثية.