تواجه اليمن كغيرها من دول العالم، آثار التغيرات المناخية بشكل متزايد، لكن ما يزيد الوضع تعقيدًا هو هشاشة البنية التحتية، والصراعات المستمرة، وضعف القدرات المؤسسية، مما يجعل البلاد أكثر عرضة لتداعيات الظواهر المناخية القاسية مثل الفيضانات، الجفاف، التصحر، وتراجع الأمن الغذائي. وفي هذا السياق، تلعب المؤسسات الإعلامية دورًا محوريًا في بناء الوعي المجتمعي، ودفع السياسات البيئية، وتعزيز جهود التكيف والتخفيف من حدة الأزمة.
في اليمن، لا تزال الثقافة البيئية محدودة نسبيًا، نتيجة انخفاض معدلات التعليم، وغياب الخطاب الإعلامي البيئي المتخصص؛ لذا تبرز الحاجة الماسة إلى دور فاعل من المؤسسات الإعلامية في نقل المعرفة العلمية المتعلقة بالتغيرات المناخية، وشرحها بلغة بسيطة وقريبة من الناس. من خلال البرامج الإذاعية، التلفزيونية، والمنصات الرقمية، يمكن للإعلام أن يشرح كيف يؤثر الاحتباس الحراري على الزراعة، والمياه، والصحة، والمعيشة اليومية للمواطن اليمني.
على الرغم من أن اليمن ليست من الدول المسببة لانبعاثات الكربون بشكل كبير، فإنها من بين أكثر الدول تضررًا. إذ تسبب التغير المناخي في تفاقم أزمات المياه، وتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية، وازدياد النزوح الداخلي بسبب الجفاف أو الفيضانات. الإعلام المحلي يمكنه أن يلعب دورًا مهمًا في توثيق هذه الحالات، من خلال تغطية قصص المجتمعات المتضررة، وتقديمها كنماذج حية تبرز خطورة الوضع، مما يسهم في دفع صانعي القرار والمنظمات الدولية نحو التحرك.
يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تؤدي دورًا رقابيًا فعالًا من خلال تسليط الضوء على غياب الخطط البيئية الوطنية، أو ضعف تنفيذ الإستراتيجيات المناخية في اليمن، إن وجدت. كما تستطيع وسائل الإعلام أن تطرح تساؤلات مهمة حول مدى التزام الجهات الحكومية بالتقارير الدولية، أو مدى استفادة البلاد من الدعم المقدم من المنظمات البيئية العالمية. هذا النوع من التغطية يعزز الشفافية، ويحفز وضع أجندة بيئية واضحة.
في ظل تدهور البنية التحتية الإعلامية التقليدية في اليمن بسبب الحرب، ظهرت وسائل الإعلام الرقمية كبديل مهم. منصات مثل “فيسبوك”، “تويتر”، و”يوتيوب” أصبحت منابر مؤثرة في نشر الوعي البيئي، خاصة بين الشباب. ويمكن للصحفيين المستقلين والنشطاء البيئيين أن يستغلوا هذه المنصات لبناء حملات توعية حول أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، وكيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية، ونشر ثقافة الاستدامة.
يواجه الإعلام البيئي في اليمن عدة تحديات، من أبرزها:
- نقص الكوادر المتخصصة في الصحافة البيئية.
- ضعف التمويل والدعم المؤسسي للمبادرات الإعلامية البيئية.
- غياب التنسيق بين الإعلام والجهات الحكومية أو المنظمات البيئية.
- التركيز الإعلامي على القضايا السياسية والأمنية على حساب القضايا المناخية.
رغم التحديات الجسيمة، لا يمكن إغفال أهمية الإعلام في تشكيل وعي جماعي قادر على مواجهة أزمة التغير المناخي في اليمن. فالإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث، بل هو أداة لبناء فكر ووعي، وتحفيز السلوك المجتمعي والمؤسسي نحو تبني سياسات أكثر استدامة. إن الاستثمار في الإعلام البيئي، وتدريب الصحفيين، ودعم المحتوى المتخصص، هو خطوة أساسية لبناء مجتمع يمني قادر على التكيف مع المتغيرات المناخية، وحماية موارده المحدودة من الانهيار.